عدد المساهمات : 78 نقاط : 175 تاريخ التسجيل : 11/02/2010
موضوع: سامية.. "خطيبي فسخ عقد القران وعائلتي لم ترحمني" الثلاثاء فبراير 16, 2010 6:18 pm
بشير.. "كتبت وصيتي وندمت لأنني لم أحج"
عدد الحالات المشكوك فيها بلغ أزيد عن 200 ألف، وعدد الضحايا الذين فقدوا الحياة 57 حالة، وعدد الحالات المؤكدة للإصابة بأنفلونزا الخنازير 916 عادوا إلى قواعدهم سالمين بعد أن عانوا نفسيا من مرض أسوأ ما فيه هو اسمه الذي لا يحبذه الجزائريون والمرتبط بالخنازير .. الشروق اليومي استضافت بعضا من المرضى الذين تعافوا والذين عانوا نفسيا خلال شهر ديسمبر بعد إصابتهم .. ولم يجدوا إلا القليل من الذين رأفوا بحالتهم .
تقول سامية وهي عاملة في سن 28 إن عيد ميلادها الموافق لمنتصف ديسمبر كان أسودا لأنها عانت من حمى شديدة، ولم تنعم بالهدية الثمينة التي وصلتها من خطيبها، كانت تشعر بالغثيان، وبالتهاب مؤلم في الحلق إضافة إلى تقيء لم تفهم منه شيئا .. هذه الأعراض لم تجد لها من تفسير خاصة أنها معروف عنها بالاحتياط للأنفلونزا الموسمية ولم يكن الجو باردا في شهر ديسمبر الماضي وتضحك سامية وتقول .. "كنت أسلي نفسي بإعادة مشاهدة مباراة أم درمان التي أهلت منتخبنا للمونديال على حساب الفراعنة كلما اشتدت بي الآلام"، لكن سامية بمجرد أن حطت رحالها لدى طبيب خاص حتى حولها بسرعة إلى المستشفى الجامعي بقسنطينة، وبدأت مرحلة التشخيص بعد التحاليل وبدأ عذابها النفسي عندما علمت أنها مجبرة على انتظار نتيجة التحاليل من معهد باستور، فبالنسبة لسامية معهد باستور لا يعني سوى الألم .. هكذا كانت تفكر وهذا ما غرقت فيه وهي تقول "نتيجة التحليل التي أكدت إصابتي بالمرض الوباء قتلتني فعلا، أحسست أنني انتهيت وهم يعزلوني في غرفة طبية ويبعدون عني الناس .. لم أتحمل الألم لوحدي، فكلمت خطيبي الذي يقطن في بلدية محافظة جدا بولاية ميلة فقرر فسخ الخطوبة بعد أن قاطعني مدة مرضي، حيث لم أجد سوى والدي ..
كنت أحمد الله أنني لم أنقل المرض لعائلتي رغم احتكاكي اليومي بأبناء أختي الذين اشتقت إليهم وخفت أن أموت دون التمتع ببراءتهم .. خرجت من الجحيم في الأسبوع الأول من جانفي، أكد لي الأطباء أنه يمكنني العيش بسلام وأمان وعدت إلى عملي وكثير من زملائي لا يعلمون أنني كنت مريضة بوباء أنفلونزا الخنازير، صرت أحتاط وأنصح جميع الزملاء بالحيطة، أما عن خطيبي فأنا التي دفعته إلى فسخ عقدنا الشرعي لأنني لم أجده في أهم مرحلة في حياتي ولا يمكنني العيش مع رجل باعني في أول منعرج صحي".. أما عن التكفل الصحي فتؤكد سامية أنها لاقت كل العناية في المستشفى ووصفت الطاقم الطبي الجزائري بالمقتدر من الناحية النفسية بالخصوص وتتأسف لعدم تمكن المجتمع من التعامل مع المرض بصفة عادية لأن عدد ضحاياه لم يزد عن 57 حالة في الوقت الذي تقتل الأمراض الأخرى المئات.
ويستوقفها السيد بشير وهو تاجر كهل أصيب بالمرض بسبب طيبته كما قال "استقبلت خلال الصيف ورمضان بالخصوص الكثير من المهاجرين من الأهل واتضح أن سبب إصابتي عدوى بلغتني من أحد الأقارب الذي تلقى علاجه هنا في الجزائر .. السيد بشير أب لثلاثة أبناء كان همه بعد أن أكدت التحاليل إصابته بالوباء أن يبعد أبناءه عن المرض وقال للشروق اليومي .."أعترف أنني لم أستطع استيعاب المرض، كان بالنسبة لي أشبه بالموت البطيء، فكرت في أبنائي فكتبت لزوجتي وصية كيفية تقسيم التركة وهي محلات تجارية بين الأبناء، أطفالي دون سن الرشد خفت أن يلحقوا بي كنت أصر أن لا أراهم وكنت أفضل الموت لوحدي .. لقد عشت أياما هيتشكوكية رهيبة مت فيها في اليوم مئة مرة ورغم شفائي التام إلا أنني لحد الآن أرفض الاقتراب من أبنائي ومازلت أعيش الكوابيس في نومي" .. "لماذا كل هذا الخوف؟" سؤال طرحناه عليه "فرد بعد تفكير.."كنت دائما بعيدا عن الأمراض وما يصل من الإعلام أحتاط إليه مثل السيدا والسارس وأنفلونزا الطيور .. لدي قناعة أن الأمراض هي التي تنهي حياة البشرية، تصور لدي شقيق طبيب مشهور ومع ذلك لم أكن أصدقه عندما كان يقول لي لا تخف ويصف لي المرض بالعادي"، السيد حسين بدأ يسترجع أنفاسه ويدخل مرة أخرى الحياة بعد أن عانى مع المرض، ولكنه لا ينسى بدايات المرض عندما دخل في وهن عام وصداع قبل أن يغرق في المرض الذي أصر أن يسميه خبيثا في جانبه المعنوي.
أما لطفي فقد تعامل بسبب حياته البائسة مع المرض بأكثر قبولية "أنا أعاني الفقر والبطالة ولا أظن أن المرض سيزيد من آلامي لأنها في الأصل مستعصية جدا".. لطفي نسي مرضه الذي أبعده عن الناس لمدة شهر كامل وحلمه الوحيد هو الخروج من عالم البطالة لأنها مرضه الأول والأخير والأكثر خطورة.. هذه قصة جزائريين وجدوا أنفسهم رهينة في يد الوباء الذي شغل العالم بأسره وخرجوا بكثير من الخسائر المعنوية، والحمد لله أن آخر حالة مؤكدة تم تسجيلها في الجزائر تعود إلى 16 جانفي الماضي أي أننا تجاوزنا مرحلة الخطر وهو ما جعل الجزائر ومعهد باستور بالخصوص يدخلون في مفاوضات لأجل استرجاع الفارق المالي مع المعهد الأجنبي الذي كان من المفروض أن تقتني منه الجزائر 20 مليون جرعة قبل أن تتمجهر إلى 5 ملايين فقط كمخزون احتياطي لأي طارئ قادم.